كلمة الأمين العام للجان الفصل في منازعات الأوراق المالية


الحمدُ للهِ رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرف المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين. وبعد:

لقد حظيت النوازل والوقائع القضائية بنصيب وافر من التدوين الفقهي عبر العصور من علمائنا الأجلاء، وإن كثيرًا من أحكام الفقه كان ميلادها ساحات القضاء، فكان تدوينها ثروة قضائية مستندة إلى أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية.

 ولا ريب أن نشر الأحكام يساهم بشكل فاعل في خدمة المرفق القضائي بما يحد من الإطالة في نظر القضايا؛ لكون التدوين يسهم في إيضاح ما استقر عليه الحكم في القضايا، إلى جانب اختصار الوقت وتخفيف الجهد على ناظر القضية، ولما في ذلك من دعم الوعي الشرعي والنظامي، وتحقيق مبدأ الشفافية، فضلاً عن إتاحة الجوانب التطبيقية للجهات المعنية بالبحث الشرعي والنظامي ولا سيما الجهات الأكاديمية والتدريبية وغيرها.

 ولما كانت منازعات الأوراق المالية ذات طبيعة خاصة تتطلب جهة ذات اختصاص يتماشى مع طبيعة تلك المنازعات، ويتمتع أعضاؤها بالتخصص في فقه المعاملات والأسواق المالية، وبخبرة واسعة في القضايا التجارية والمالية والأسواق المالية، لذا ناط نظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/30) وتاريخ 2/6/1424هـ الموافق 31/7/2003م النظر في تلك المنازعات بلجنة متخصصة سُميت (لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية)؛ إذ نصت المادة الثلاثون من النظام على: " أ- تُنشئ الهيئة لجنة تسمى "لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية " تختص بالفصل في المنازعات التي تقع في نطاق أحكام هذا النظام ولوائحه التنفيذية ولوائح الهيئة والسوق وقواعدهما وتعليماتهما في الحق العام والحق الخاص. ويكون لها جميع الصلاحيات الضرورية للتحقيق والفصل في الشكوى أو الدعوى، بما في ذلك سلطة استدعاء الشهود، وإصدار القرارات، وفرض العقوبات، والأمر بتقديم الأدلة والوثائق. ب- تتكون اللجنة من مستشارين قانونيين متخصصين في فقه المعاملات والأسواق المالية يتمتعون بالخبرة في القضايا التجارية، والمالية، والأوراق المالية".

 وقد باشرت لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية مهامها بتاريخ 1425/11/07هـ، إثر صدور قرار مجلس هيئة السوق المالية رقم (2004-31-2) وتاريخ 11/07/1425هـ بتعيين أعضاء هذه اللجنة في الدورة الأولى، في حين باشرت لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية مهامها بتاريخ 1426/11/03 هـ، بعد صدور قرار مجلس الوزراء رقم (222) وتاريخ 1426/08/22 هـ، القاضي بتشكيل أعضاء هذه اللجنة للدورة الأولى.

وخلال الفترة من العام 1426هـ حتى العام 1441هـ نظرت لجان الفصل في العديد من المنازعات التي نشأت بين المتعاملين في السوق المالية، وتقديرًا لأهمية الدور الذى تضطلع به لجنتا الفصل والاستئناف في منازعات الأوراق المالية؛ باعتبارهما الجهة المختصة ولائياً بالفصل في المنازعات الناشئة في مجال الأوراق المالية سواء في دعاوى الحق العام أو الحق الخاص أو الدعاوى الإدارية بقرارات ملزمة، وما احتوته تلك القرارت من مبادئ قضائية توضح النهج الذي تتبعه هاتان اللجنتان عند نظرهما في قضايا السوق المالية، ولأهمية الموضوع، فقد عملت الأمانة العامة للجان الفصل في منازعات الأوراق المالية على دراسة تلك القرارات لغاية استخلاص المبادئ القضائية التي أرساها قضاء لجان الفصل ونشرها بما يساهم في تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في تعزيز الثقافة المالية بين أوساط المتعاملين في السوق المالية، وقد كان من نتاج هذه الدراسة – بفضل الله – أن تم إعداد هذا العمل الذي يعنى بالمبادئ القضائية التي صدر في ضوئها عن لجنتي الفصل والاستئناف في منازعات الأوراق المالية أحكامٌ تتعلق باختصاصاتهما التي تسيران عليها، وقد تم استخلاص المبادئ وصياغتها في أسلوب سهل ميسّر، وبما يتيح للمنتفعين بالقانون، والمهتمين بقضايا الأوراق المالية بصفة عامة، والمتنازعين بصفة خاصة، أن ينهلوا من هذه المبادئ؛ للاستفادة منها في أداء عملهم، وزيادة معرفتهم القانونية.

وتضم هذه الوثيقة المبادئ التى استندت إليها لجنتا الفصل والاستئناف عند نظرهما في الدعاوى التي فصلتا فيها من عام 1426هـ حتى عام 1441هـ؛ إذ تم تحليل أكثر من (4864) قراراً قضائياً صدر عن اللجنتين خلال تلك المدة الزمنية، وعمل المختصون في الأمانة العامة على استخلاص المبادئ منها.

وفي سبيل إعداد هذه المبادئ القضائية، تم القيام بالآتي:

  1. حصر جميع القرارات الصادرة عن لجان الفصل في منازعات الأوراق المالية خلال الفترة الزمنية المنوه بها.
  2. ترتيب القرارات وأرشفتها.
  3. تصنيف القرارات، وفرز ما تم اختياره منها، وتبويبها.
  4. توثيق القرارات ببيان أرقامها، وتاريخ صدورها، وبيان الجهة الصادرة عنها.

     

الأمين العام

للجان الفصل في منازعات الأوراق المالية

عادل سعود قباني